فضاء حر

الشيخ الزنداني ودستور لم يرَ النور

يمنات

لم يزل شعب الجنوب ينتظر الاعتذار عن الفتاوى السابقة التي أباحت ما حرم الله على كل مسلم ضد أخيه المسلم في حرب 1994 وما تلاها من فتاوى، حتى أدهشنا الشيخ الزنداني بمعجزاته الخارقة في فتواه الأخيرة عن مصدر التشريع في الدستور الجديد للدولة القادمة؟ وقبل الولوج في ذلك الموضوع، أريد أن أوضح شيئاً للشيخ الزنداني: "أن الدستور الذي تستشهد به ليس هو الدستور الذي استفتي عليه الشعب اليمني، الدستور القائم هو دستور قد خضع للتعديل والتنقيح بإرادة الحاكم فردا منفصلا 6 مرات، وبما يريده الحاكم ويتوافق مع مصالحه، بما فيها تعديله للمادة التي أشرت إليها "الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات"، والتي جاءت عوضا عن: "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، وذلك الدستور الذي ألغي فيه مصنع البيرة، وسمح بتهريب الخمور والمخدرات، وازدهار تجارة الاتجار بالبشر والرقيق الأبيض، واستمرار تجارة الرقيق الأسود، والبسط على أراضي سكان المنطقة السمراء "تهامة"، ونهب وسلب ثروة الجنوب "الأرض وما في ظهرها وباطنها، العشب، والبحر"، وكان من يتحدث عن تلك الأمور عرضة للتنكيل والترهيب والاعتقال والتكفير، وهذا تم بناء على فيد شرعتموه خلافا لشرع الله، وفي جميع هذه التعديلات لم يخضع الدستور لأي استفتاء، وإنما خضع لإرادة الحاكم، والحاكم هو فرد من البشر، وليس ملاكاً من السماء، ولا يحق له التعديل كما يشاء، وكلما شاء، بناء على قولك في محتوى نص رسالتك، إن الدستور الذي تتحدث عنه متوقف في ظل المرحلة الانتقالية التي أحد مظاهرها التوقف عن العمل بالدستور، موضوع رسالتك، ونحن نعيش في فراغ دستوري، ولذلك تجد الحكومة الانتقالية تسرح وتمرح في اتخاذ قراراتها دون رادع أو رقيب من أحد، بمن فيهم أنت أيها الشيخ.

وما أود أن أوضحه أيضا أن فريق بناء الدولة يضع محددات لدستور جديد، وليس تعديلات لدستور الحاكم، وما تعلمه أننا في الأرض المحتلة الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، نريد دستورا جديدا تعود فيه السلطة للشعب، ويجرم فيه أصحاب الفتاوى التكفيرية أولئك الذين جعلوا من أنفسهم شركاء لله في كل شيء.

كما أن الاستئناس بآيات دوناً عن آيات أو بترها بما يتناسب مع ما يريد المرء تفسيره لمصلحته وغاية في نفسه، لا يخدم الإسلام في شيء، ولست واعظة دينية أو عالمة دين، ولا أدعي ذلك، ولكن دين الله في قلبي "إسلاما وإيمانا"، ولم أجد آية يهددني فيها الله بالقدر الذي وجدت آيات للعدل والرحمة والمغفرة وقبول التوبة والوعد بالجنة والحساب والعقاب بحسب التقوى والورع والعمل الصالح، ولم أجد في القرآن آية للنفور من المرأة وحكمها، بل وجدت ملكة سبأ تستند إلى الشورى في حكمها، ومريم عليها السلام مجاهدة صابرة، وآسيا امرأة فرعون وهي تتعذب من أجل إيمانها برب موسى وهارون، ومثل هؤلاء هناك نساء آخريات كن عكسهن تماما، ومثلهم الرجال، وقد حكمتكم الملكة أروى التي شهدت بلادكم الخير والازدهار في حكمها، ولم نسمع شكوى في حكمها أو سوءاً عنها.

ثم نأتي إلى مصر، وما أدراك ما مصر؟ ولعل الشيخ لم يعلم عن ولاء مرسي لأمريكا وخوف إسرائيل على مصالحها بعد عزل مرسي الذي سهل لهم ما لم يسهله مبارك في حكمه، وكيف انقلب حال مصر ووضع المصريين في سنة عجفاء مرت بهم، هي عمر حكم مرسي، فجميعكم تخشون أمريكا، وفضل أمريكا عليكم جميعا "إخوان وغير إخوان".

يا أيها الشيخ، لا تستغلوا جهل الشعوب وفاقتها وحاجتها باسم الدين تارة، والإسلام تارة أخرى، فلا يمكن أن يكون الإنسان مسلما وهو مهان ومهدور الكرامة، وقد كرمه الله الذي أحسن خلقه، ولم ولن يحاسبه أو يعاقبه سوى على تقواه، أما الحكم علينا بناء على قولك، فنحن بحاجة لمن يؤكد لنا أنها قول لله وفتواه.

عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى